/ الفَائِدَةُ : (148) /

20/07/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / بين احتجاجات فاطمة صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْها في قضيَّة فدك تمام الموائمة / المعروف ـ بحسب تدبُّر كثير من أَكابر الفريقين ـ : أَنَّ فاطمة الزَّهراء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْها حينما اِحتجَّت في قضيَّة فدك اِحْتَجَّتْ بِحُجَجٍ لا تدافع بينها ؛ بل بينها تمام الموافقة والموائمة والمؤازرة ؛ فإِنَّه يمكن للإِنسان تَملُّك الشيء الواحد بأسبابٍ مُتعدِّدةٍ لا تضارب بينها. الحُجَّة الأُولىٰ : أَنَّها وارثة أَبيها سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِما وعلى آلهما وراثة اصطفائيَّة . وقد اعترف علماء العامَّة والجمهور بـ : أَنَّ وراثة النَّبيّ سليمان من أَبيه النَّبيّ داود عليهما السلام الواردة في بيان قوله تعالىٰ : [وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ] (1) وراثة اِصطِفائيَّة . وحيث إِنَّ لسيِّد الأَنبياء سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ولاية على الفيء شاملة لكلّ الأَرض ؛ انتقل هذا الإِرث بالوراثة الاِصطِفائيَّة من ضمنه أَرض فدك ـ بنصِّ بيان قوله تعالىٰ المُتقدِّم وغيره ـ بعد استشهاده سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِلى قرباه : فاطمة الزهراء وأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهم . لكن : هذه القضيَّة غفل عنها الكثير من الخاصَّة ، وحصروا وراثتها عليها السلام من أَبيها سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بالوراثة الماليَّة الماديَّة . والحقُّ : أَنَّ إِرث فيء الأَرض وإِن كان ماليّاً ماديّاً ، لكنَّ ماليَّته ليست ماليَّة ماديَّة فرديَّة فقط ؛ لأَنَّه لَـمَّا كانت ـ هذه الماليَّة ـ لها سعة شاملة لجملة الأَرض كانت ولاية اِصطِفائيَّة . الحجَّة الثَّانية : أَنَّ أَبيها سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وهب أَرض فدك لها . الحُجَّة الثَّالثة : أَنَّ أَرض فدك كانت تحت يدها حين استشهاد أَبيها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ؛ فتكون داخلة في ملكها ؛ لقاعدة اليد من دون حاجة إِلى بيِّنة . الحُجَّة الرابعة : أَنَّ أَرض فدك سداد دين مهر أُمّها خديجة ، وهذا إِرث اِصطِفائي ورثته من أُمِّها (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْها) . ولَكَ أَنْ تقول : إِنَّ مهر خديجة يتبع ويشبه شيئاً ما مهر إِبنتها فاطمة الزَّهراء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهما ، ولكُلِّ منهما ولاية إِلٰهيَّة ؛ وإِنْ كان مهر الزَّهراء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه أَعظم وأخطر . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)النمل: 16